من الأوجام إلى الكويت.. آل جميع تتحرر من قيود الرعاش وتسرد حكاية أصغر مرضاه وجيهة الناصر - القطيف اليوم ٢٢ أبريل ٢٠١٩

0

من الأوجام إلى الكويت.. آل جميع تتحرر من قيود الرعاش وتسرد حكاية أصغر مرضاه

وجيهة الناصر - القطيف اليوم

كانت اللحظات تمر ثقيلة، وكأنها جبال راسخة على صدر الأرض، سحابة حزن استباحت صدر المكان، كآبة نفس عانقت الستائر، وتجسد بالمرآة خيال فتاة أصبحت أقرب ما تكون لسرابٍ أشبعته الصحراء من غبار جفافها، قمة اليأس تحلقت في عيونها، وضاعت ابتسامات الأمل القادم عبر الأمنيات، في تلك اللحظات استندت على أطراف الألم الخفي الذي أقبل كالبرق، وألف سؤال حار في ثغرها؛ ماذا ألمَّ بي؟ ما هذه الارتعاشات الخفية التي باتت تسري في أطرافي، لكنها وفي لحظة إصرار صادقة جعلت من معاناتها مصدر قوة لتتعايش مع ألمها وتنطلق نحو الإبداع وإيصال رسالتها لكل مريض عانى مما تعانيه.

صعدت على منصة المسرح لتعرف عن نفسها وقصة معاناتها.. زهراء جعفر آل جميع، فتاة في مقتبل العمر، داهمها المرض لعشر سنوات وهي لا تعلم ما هو مرضها، ولم تحصل على تشخيص لحالتها، مما أدى إلى تطور حالتها.

بدأت “آل جميع” بسرد تاريخها المرضي الذي بدأ منذ عام 2006 بقولها: “فوجئت باضطرابات خفيفة في جسمي، فتجاهلت الأمر ظنًا مني أن سبب حدوث ذلك هو الإرهاق، وتوالت الأيام والرجفة مستمرة، فذهبت إلى المستشفى وشخَّص الطبيب الحالة بأنه فرط في نشاط الغدة الدرقية، وتناولت العقاقير الطبية بدون زوال الألم، بل كان يزداد والاضطرابات تتفاقم، ثم تم تشخيصه بأنه نقص في الفيتامينات أو رهاب اجتماعي أو نقرس أو ماء في الرأس أو خمول في الغدة الدرقية”.

وأضافت: “عشر سنوات شعرت فيها بأني فأر تجارب، أصبحت حركة جسمي ثقيلة، تغير خط يدي، كنت أواجه صعوبة في القيام بأموري الخاصة، وانحنى جذعي وأصبحت أسير على أطراف أصابعي بخطوات قصيرة وأترنح عند المشي، كان الألم متواصلًا في الرقبة والأكتاف وأسفل الظهر ولم تجد المسكنات نفعًا، وتقلصت ساعات نومي من 8 إلى 4 ساعات، مما أدى إلى تدهور حالتي النفسية ورغبتي في الانعزال عن المجتمع هربًا من مواجهة سيل الأسئلة التي لا تنتهي”.

وتابعت: “وفي السنة الثانية من ظهور تلك الاضطرابات في يدي اليسرى، وفي محاولة لتجاهلها، عمدت إلى الكتابة النثرية للتخلص من الضغط النفسي، وضاعفت قراءة القرآن الكريم والأدعية وقراءة الكتب، وشعرت بسعادة عامرة عندما تم قبولي عضوًا في مجموعة للقراء تحمل اسم شرفات، وهي تضم باقة من المثقفات، وكانت تلك الخطوة الأولى في مراحل التغيير في حياتي، وكان ذلك في نوفمبر 2014، ومن ثم تم ترشيحي للقيام بمجموعة من المهام الإعلامية، آخرها تغذية حساب المجموعة على موقع إنستجرام بهدف استقطاب القرّاء والمثقفين لتنشيطه”.

واستطردت: “وفي عام 2016، كانت قواي أُنهكت وأصبحت عاجزة عن الحركة، فأخذت قراري بالانسحاب من مهامي في مجموعة شرفات، وتقبلت رئيسة المجموعة اعتذاري وأصرت بحب واحتواء على بقائي على أن يتم تخفيف المهام”.

وحول أول صدمة تتلقاها، قالت “آل جميع”: “اصطحبني والداي إلى المستشفى بعدما أصبحت عاجزة عّن النهوض، وكانت هنا الصدمة التي حلت على رأسي كالصاعقة، عندما أخبرنا الطبيب أنني لن أعيش لشهر قادم دون علاج فعال، وطلب تحويلي إلى أقرب مستشفى حكومي، اندهش استشاري المخ والأعصاب محمد القديحي من الأعراض الواضحة على وجهي وجسمي، وراقب تحركاتي بدقة لاعتقاده أني مصابة بمرض باركنسون أو الشلل الرعاش، وليتأكد تم إجراء بعض التحاليل والفحوصات اللازمة، وتم التأكد بالفعل أنني مصابة به، وهذا المرض لا تصاب به الإناث الصغيرات في السن إلا نادرًا، وهو غالبًا يصيب الذكور وكبار السن”.

وأضافت: “وصف لي الطبيب الأدوية وكانت كالسحر الذي أعاد لي الحياة، فالرعشة توقفت وأصبحت أكثر اتزانًا، وهنا بدأت بالبحث عن معلومات تساعدني للتعرف على حقيقة مرضي ومقارنتها بالأعراض التي أشعر بها”.

وعن شعور عائلتها، أوضحت: “أصابت عائلتي مرحلة ذهول وحاولوا استيعاب طبيعة المرض، وأن يتفهموا أنه لا يمكن الشفاء منه ويجب عليَّ التعايش معه”.

وبيَّنت أنها قررت حينها أن تعيد النظر في حياتها بأكملها وتزداد قوة، متحدية الشلل الرعاش ونفسها، وبدأت في توثيق تجربتها في مدونتها “اختلاجات روح”.

وتطرقت إلى أولى خطوات الشجاعة قائلة: “واجهت جميع أعضاء شرفات وأخبرتهم عن حقيقة مرضي بكل شجاعة، كنت خائفة أن أرى نظرات الشفقة أو أسمع كلمات تهز مشاعري، لكن رأيت منهن الدعم ومساعدتي على مواجهة المرض ومواصلة طريق الإبداع وبث رسالتي لكل مصاب بهذا المرض ومساعدته في تخطيه”.

وأضافت: “لقد غيَّر المرض الكثير، أصبحت هادئة، يومياتي تغيرت، ميولي اختلفت، أصحبت ذات شغف بشكل كبير بالقراءة”.

وفي الختام؛ أكدت “آل جميع”: “أتقدم بجزيل الشكر والامتنان إلى الله ثم إلى خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، وشكر خاص إلى سمو أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، ودكتور باسل الصباح، ودكتور جاسم الهاشل، بجمعية الأعصاب الكويتية ومستشفى ابن سينا، لدعمهم مرضى الشلل الرعاش، بالإضافة إلى شكري وامتناني لوالديّ وصديقاتي ودكتور القديحي ونهى فريد”.

جاء ذلك في الكلمة التي قدمتها زهراء آل جميع المنحدرة من بلدة الأوجام، في المؤتمر الذي أقيم في دولة الكويت يوم السبت 20 أبريل 2019م، بمناسبة اليوم التوعوي الرابع لمرض “باركنسون”، بتنظيم من جمعية الأعصاب الكويتية.

وجاءت كلمة “آل جميع” لكونها الفتاة الوحيدة المصابة بهذا المرض، حيث عرضت تجربتها بعنوان “مع الرعاش تحررت من قيودي”.

يذكر أن مرض الشلل الرعاش “باركنسون” هو اضطراب تنكسي في الجهاز العصبي المركزي، يؤثر بشكل رئيسي على الجهاز الحركي، وتبدأ أعراضه ببطء في بداية المرض.

وأكثر الأعراض وضوحًا هي الرعاش، والتقبض، ونقص الحراك، وتشوه المشية، وقد تحدث مشاكل في التفكير والسلوك أيضًا، كما يصبح الخرف شائعًا في المراحل المتقدمة من المرض.

ويعتبر الاكتئاب والقلق أيضًا من الأعراض الشائعة التي تحدث لدى أكثر من ثلث الأشخاص المصابين بمرض باركنسون، وتشمل الأعراض الحسية؛ اضطراب النوم، والمشاكل العاطفية، والأعراض الحركية الرئيسية تسمى بشكل جماعي “باركنسونية”، أو “متلازمة باركنسونية”.

وسبب مرض باركنسون غير معروف بشكل عام، ولكن يعتقد أنه ينطوي على عوامل وراثية وبيئية مع اتباع نظام غذائي خالٍ من اللحوم الحمراء والأجبان، ويجب ممارسة الرياضة والقراءة للتعايش مع المرض.

من الأوجام إلى الكويت.. آل جميع تتحرر من قيود الرعاش وتسرد حكاية أصغر مرضاه

وجيهة الناصر - القطيف اليوم
http://alqhat.com/beta/?p=151896
عبر القطيف اليوم
http://alqhat.com/downloadapp

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق