حياتي مع الشلل الرعاش 3

0


صباح/مساء الخير

نتج عن أصابتي بالشلل الرعاش التأثير على الطعام والشراب ، فمثلا في الماضي لا أحب تناول السلطات و المكسرات، و الفاكهة جميعها عدا الدراق ( الخوخ) و الكمثرى. وفي فترة ازدياد العوارض المجهولة امتنعت عن تناول الشيبسات و الشوكولاتة و البقوليات و الأسماك بأنواعها ، و العسل و القرفة و العصائر الطبيعية، و المشروبات الغازية الشاي و القهوة . 

بالنظر الآن إلى المأكولات التي امتنعت عنها ، كالسلطات و المكسرات و الفاكهة و الشوكولاتة الداكنة و الأسماك. لاحظت إن الأطعمة التي تؤخر عوارض الشلل الرعاش ، لم أكن أتناولها ..

في أحد الأيام قالت لي أمي : لما لا تتناولي الطعام بشكل جيد وجهك شاحب ؟. أجبت : أني أتناول الطعام معكم . أمي : تتناولي القليل ، و تقولي انتهيت . أغسل الفاكهه و أضعها أمامك و لا تلمسيها . لا تريدين الفاكهة ، اذهبي إلى المطبخ ، و افتحي الثلاجة وكلي ما تشائين . أنا في المطبخ طوال النهار ، تمنيت أن أراك مرة واحدة فقط قادمة للبحث عن طعام! هل تعرفين ما يوجد في الثلاجة؟! أجبت :لا .لأن لا حاجة لي لفتحها ( بسبب هذه الجملة الغبية، كانت أمي غاضبة مني جدا، تأثرت من ردة فعلها).

في فترة أزدياد وضعي الصحي ببطء للأسوء ،قام والدي بتغيير المستشفى. سمع ان هناك طبيب جيد في مستشفى خاص. ذهبت إليه فباشر بالفحص ،فقال : اعتقد لديها ماء بالرأس، أريد أشعة رنين مغناطيسي. صدمنا جميعا بكلامه أنا ووالداي ، ولأننا لم نقتنع بفحصه .خرجنا و الحزن قد تمكن من والداي . وانا كنت أحاول أن أبدو أني غير مهتمة . قمت بعمل أشعة الرنين المغناطيسي . أخذ والدي نتيجة الأشعة للطبيب فقال أن الأشعة سليمة لكن هناك ماء بالرأس أنا متأكد .لكن أبي لم يقتنع .أخذ الملف مع قرص الاشعة إلى طبيب آخر ، فنفى مع حيرته من تشخيص الطبيب الأول .فسألني :ماذا كنت تفعلين قبل زيارة الطبيب؟ أجبت كنت استحم و سأل هل بقيتي وقت طويل في الماء؟ أجبت: نعم . قال: الآن فهمت. ولأن هذا الطبيب سيكمل دراسته ،لم يقبل تشخيص الحالة.

ذهبت لطبيب آخر بمستشفى خاص ، فشخص الحالة بنقص فيتامين د.فضطررت للرضوخ للعلاج، وكان ذلك بعد سؤال مجموعة أطباء عن عوارض نقص فيتامين د ،فخدعت نفسي على أمل غداً ستظهر نتيجة العلاج،ربما لأن المرض قديم تأخرت الحالة..بعد ذلك أتضح لي بأن الاثنان اقصد فيتامين د و الشلل الرعاش بعض عوارضهم متشابهة.

فحدث مالم أتوقعه، أثناء وقوفي إن لم أستند على الحائط أترنح وفجأة أسقط. حتى في الحمام سقوطي تكرر بشكل مزعج ، ولا أستطيع النهوض بسهولة...مع تطور الحالة أصبحت أشعر بحرارة قوية في باطن القدم. كانت أشبه بفحم يشتعل ، فكنت أحاول تهدئة حرارتها بأن أضعها بمياه مثلجة أو ماء من البحر ، ولا تهدأ.(العوارض تختلف من مريض لآخر) وأيضاً عجزي عن القيام بأموري الخاصة تمشيط شعري, وألم أبالأكتاف و الرقبة .بالإضافه إلى الظهر كامل والرجل اليسرى كامله ،حتى أن النوم يجافيني في ليالي كثيره من شدة الألم و الحرارة .حتى أني مرة من شدة الألم تفوهت بحماقات أمام أهلي، كنت في حالة يرثى لها، قلت أمامهم "أريد الموت ، لقد تعبت، لا أستطيع التحمل والصبر أكثر، لا أريد أن أكون عالة على أحد. أرغب فقط في الموت. يوجد لديكم خمس فتيات غيري، أعني أن غيابي لن يؤثر" . 

كانت طريقتي في المشي كارثة ، القدم لا تنزل كاملة على الأرض،كانت تشبه راقصة الباليه .ارتداء الملابس كان أشبه بإرتداء زي مكون من عشرات القطع . كنت أدخل لتغيير ملابسي مثلا الساعة الرابعة والنصف أخرج الخامسة و الثلث.و صوتي يختفي، بالكاد يسمع ، إذا تكلمت مع أخواتي ، يقلن أعيدي لا نسمع ما تقولين..

و أيضاً، الكوابيس التي لا تفارقني كل ليلة، كانت تلك المنامات مخيفة جداً. أحدها رؤية أموات يدفنون، أشكالهم أرعبتني. (لا أرغب بذكر المزيد) لم أنتهي من هذه الكوابيس إلا بقراءة القرآن و الأدعية بكثافة( عندما سألني الدكتور محمد القديحي عن الكوابيس أجبت لا ، لأني نسيت . و أعاد السؤال عدة مرات بصيغ مختلفة ، لكن أجابتي لم تتغير، عندما بدأت بالكتابة في المدونة عادت إلي تلك الذكريات) .

لا أبالغ إن كتبت إن والداي تعذابا معي كثيراً ، مع محاولاتي الفاشلة بأن أبدو قوية ولا مبالية في الظاهر ،وصمتي في أغلب الأوقات، انعزالي، قلة طعامي ، عنادي الدائم تمثل في رغبتي بإنهاء أموري الخاصة بنفسي .حتى أمي حاولت أن تثنيني عن رأيي .لكني تشبثت برأيي ، و حجتي في ذلك كانت خشيتي من رضوخ جسمي للحالة بسبب اعتمادي على أهلي، فيحدث تيبس للعضلات أو شيء آخر، أنا في غنى عنه.

اتذكر في أحدى صلوات قيام الليل طلبت من الله أن يأخذ روحي ليس اعتراضاً على قضاء الله وقدره، بل لأني تعبت، وليس لدي سلاح أجابه به المرض سوى الصلاة و القرآن و الأدعية، و لأني خسرت الكثير، كنت أخشى خسارتي لما تبقى الصلاة و قراءة القرآن و القراءة . 

الشيء المؤلم والمؤسف في كل هذا ، تركي لقيام الليل في تلك الفترة. لم أكن استطيع القيام بها، لأن جسمي أصبح ثقيل جداً.

كلما شعرت بالاختناق،و الضيق توجهت إلى قراءة القرآن و الدعاء.

في تلك الفترة كان حفل زواج أختي ،رفضت المشاركة في الصور العائلية و في تسجيل الفيديو . لكن قبلت بتصويري صور شخصية . في قاعة الزفاف جلست في جهة غير مرئية للمهنئات ، مما جعل بعضهن يبحثن عني ولم ينتبهن لي .. .

بعد مرور مدة ،خرجت صوري الشخصية و فوجئت بها ، شعرت بندم شديد لأني قبلت التصوير . تغير وجهي كثيراً ، و آثار المرض ظاهرة ، و نحافتي الشديدة. أمي كانت تريد رؤية الصور فأجبتها : أنها قبيحة سأتخلص منها . انتزعتها من يدي و أمعنت النظر فيها ، و قالت :إنها جميلة، أجمل من صور أختك. 

في أحدى الجمعات في صلاة المغرب ،قبل ثلاث سنوات . كنت متعبة جدا و دخل وقت الصلاة. قمت لأتوضأ لأداء الفريضة ، فلم استطع ارتداء إحرام الصلاة، جربت كل الحلول الممكنة لكن بدون جدوى ، فأستسلمت لنوبة بكاء ..

كانت هناك محاولات يائسة مني ومن أهلي للتغلب على المشاكل الصحية التي تعرضت لها . طبقت تمارين رياضية كالمشي، لكن جسمي لم يكن يستجيب لي نهائياً . أمشي مسافة بسيطة و لا استطيع المواصلة.. جاءت أختي لي بعسل من الجبل، قيل لها بأنه مخصص لمشاكل الآلام الروماتيزم والمفاصل والأعصاب، تناولته لم يحقق معي أي نتيجة، فقط ابعدني عن تناول العسل بسبب سوء طعمه.



حاول والدي أن يستشير الأطباء من كل مكان بالحالة ،بعضهم وصف كريم تخفيف الألم كفولتارين و فيكس ، نتج عن ذلك تذمري الدائم من الكريمات ،فكان حديثي مع والداي مرة . أبي امتلأت الثلاجة من الكريمات، و جميعها استخدمتها لكن دون فائدة. فقط خسرت بعض من ملابسي بسبب الرائحة السيئة لبعض الكريمات. ردت أمي لم تعد على مقاسك ، أنها فضفاضة. أجاب أبي لا يهم سأشتري لك غيرها.ما يهمني الآن هو شفائك.




ملاحظة


لست كاتبه و إنما قارئة . كتاباتي لا تخلو من الأخطاء




تحياتي للجميع

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق