حياتي مع الشلل الرعاش 7

0


صباح/مساء الخير

أصبحت التمارين الرياضية يومية للتغلب على الضعف الجسدي، والسيطرة على الألم. صارت القراءة طقس يومي وهي بمثابة تمارين للعقل، حتى إن أحدى الأطباء قال لو لم يكن لديها دافع قوي ، لما استطاعت الصمود و التحمل . فأجبت أنها القراءة...

لم تكن قراءتي عبثية، ولم تكن لتضييع الوقت فحسب ،بل كانت لصرف عقلي عن الواقع، ومحاولة للعيش مجدداً، على أن تكون قراءتي ذات فائدة وقيمة لشخصيتي أولاً. كان هدفي من القراءة معالجة الشوائب في شخصيتي ، وتطورها للأفضل. لا بأس إن أخطأت فهناك مجال للتراجع وتصحيح المواقف دائما ً. 

وبالتالي اكتساب ثقافة ، لا انكر فضل مجموعة القراءة في مساعدتي و اختصار وقتي في طرح نقاشات مميزة عن الكتب والكتاب،وفي تحديد طريقة ما لي لقراءة الكتب .و لفت انتباهي لأمور أجهلها أو تصحيح اخطائي في بعض الأحيان، و دفعي للبحث في الشبكة العنكبوتية عن المعلومات الواردة في الكتب أو في نقاشات المجموعة ،لقراءة تفاصيل أكثر عنها. 

غالبية ما كتبت من ذكرياتي مؤلمة . لكن الأكثر ألما ً بالنسبة لي كان أبي و أمي ، كنت أرى حيرتهم و قلقهم ، و تنقلهم الدائم معي في المستشفيات. كنت اشعر بالخوف عليهما وخاصة أمي.

عندما يقول أحد أفراد الطاقم الطبي أمامها : أنها صغيرة . كيف أصيبت بالشلل الرعاش؟! . إنها أول حالة تأتي إلى العيادة. ألم يخطيء الطبيب في التشخيص ؟! تكرار هذه الكلمات في عدة عيادات كان يؤلمها جداً . أنا أستطيع استيعاب حديث الطاقم الطبي، ومقصدهم من تلك الكلمات . لكن أمي!.

طلبت منها عدم مرافقتي إلى المستشفى، لكن بعد كل زيارة إلى هناك ، أراها تنتظر بقلق ...

المرض ابتلاء من الله، و هو بمثابة منبه لنا، للعودة إلى الله . و لأن البشر عاطفيون في بعض الأحيان .في الحقيقة أفادني المرض كثيرا في تحسين علاقاتي مع بعض الناس عامة و المقربين خاصة، أدركت مدى نقاء قلوبهم . كنت ألاحظ عاطفتهم ، لطفهم في التعامل. فأتسائل : أين كان كل ذلك مخبوء؟. لما الآن أشعر بوجودكم أكثر من السابق؟ و لماذا غاب من كنت أحب ؟! .

لازالت العقبات تستمر بالظهور أمامي ، ففي منتصف عام 2017 كانت أسناني تؤلمني . فقررت الذهاب إلى مستشفى خاص، أربع عيادات رفضت علاجي ، و السبب الباركنسون. و لأني تعبت وشعرت بضيق شديد . فقلت : هل نحن حيوانات بنظرهم؟! لو كان المريض بالشلل الرعاش من أقاربهم هل سيرفضون علاجه كما فعلوا معي؟! ألا يوجد القليل من الانسانية لديهم حتى ولو بإختيار كلمات مناسبة مراعاة لحالة المريض. فذهبت لمستشفى آخر فقبلت الطبيبة حالتي.

أما بالنسبة للمواقف التي أنزعجت منها في المستشفى ،فهما في الحقيقة موقفين. أحدها في يوما ما دخلت العيادة ففوجئت بطبيب بديل ، فأديت التحية لم يجب ،كان يكتب بملف طبي . رفع عينيه لثانية .فقال للممرضة : أين هي العجوز مريضة الباركنسون؟! . ردت مصدومة : دكتور هذه مريضة الباركنسون، وهي ليست عجوز . تفاجأ جداً وبدأ يقلب الأوراق بسرعة ليتأكد .

أما الموقف الآخر من متدربة ، جاءت تسأل عدة أسئله و أجبت . كان في العيادة الدكتور محمد القديحي ، ومتدربتان. فقامت المتدربة تشرح الحالة بلغة عربية مستعينة بكلتا يديها لتصف آثار المرض على جسمي ومن غير إذن.

في شهر ذي الحجة للعام الماضي 1439هـ، كانت حفل خطوبة أختي الثالثة ، كنت سعيدة جداً ، لأن العلاج سيطر على عوارض المرض كاملة. و لا وجود لأي عائق يعترضني ،فكنت اتحرك كنحلة هنا وهناك . و ألقي التحية على الجميع. 

إحدى القريبات رأتني فلم تصدق ما رأت ، قالت: أنتِ نحيفة . هل هذا كله بسبب المرض؟! 

يبدو أنها كانت تشكك بما سمعت. فعادت في وقت لاحق، سألت : هل أنتِ متأكدة أن سر نزول وزنك هو المرض؟ هل اتبعتي حمية غذائية؟ هل مارستِ التمارين الرياضية؟ لا أستطيع استيعاب ذلك...

دار بيني وبين نبراس* حوار طويل كان أهم ما تحدثنا عنه التالي:

( مراعاة لخصوصية الطرفين سأكتب بأسلوب غامض و مفهوم) 

نبراس:ما مررتِ به سيء أستطيع معرفة شعورك مع كل تجربة مررتي بها . لكن أنا أظن أذى الأقرباء له درجات متفاوتة، كلما كانت صلة القرابة أقرب، كلما زاد الألم أكثر .

أنا: من خلال تجربتي لاحظت في فترة المرض شدة حساسيتي ، لكن بسبب التفكير في المرض ، لم تكن لدى رغبة في التفكير بالضرر الذي مررت به، أو تصنيفه...

أنا : أتعرفين ما أتمنى أن أفعل الآن ؟!

نبراس: لا

أنا: اتمنى كتابة كل الكلمات السلبية التي بداخلي!

نبراس: الكلمات السلبية! لا تستسلمي

أنا: لم أقصد ما تخيلتي . ثم أن الشلل الرعاش مسيطر على حياتي بأكملها.

نبراس: لا تخافي. الخوف يجلب المتاعب.

أنا: الخوف شعور طبيعي لمرضى الشلل الرعاش.

نبراس: شعور طبيعي مع جميع الأمراض المزمنة . لكن يجب أن لا يسيطر على المريض.

أنا: لا لن أسمح للخوف أن يسيطر علي ، أحاول ممارسة حياتي بشكل طبيعي ..


ملاحظة

لست كاتبه.النص لا يخلو من الأخطاء

تحياتي للجميع

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق