صباح/مساء الخير
أول زيارة للدكتور محمد القديحي، رأى الحالة و قال للممرضه بصوت منخفض جداً. أعتقد أنها مصابه بالباركنسون ، ردت الممرضة : دكتور هذا المرض يصيب الكبار بالسن. رد لا أعرف بعد الفحوص سنتأكد. بعد مرور ثلاثة أشهر، و بعد فحوصات كادت أن تقتلني، عدت للطبيب كان يتحدث بشكل غامض، حتى أنه وصف العلاج (levodopa)ليفودوبا و قال أن علي تجربته لأرى هل يستجيب جسمي له أم لا. حديثه أثار استغرابي، هل أنا حيوان حتى يجرب عقاقيره علي؟! لكن لم اعلق.
تجربتي الطويلة و السيئة مع المستشفيات الخاصة، جعلت مني شخصية فضولية وحذرة دائماً ، ليس لأني لا أثق بالدكتور محمد ، بل على العكس تماماً . أقدر جهوده التي يبذلها من أجل مرضاه .لكن الفضول تحول لدي إلى عادة سيئة ، لا أستطيع التخلص منها.ليس لهذا المرض علاج نهائي. والأدوية مجرد حلول مؤقتة، ينتهي مفعولها في غضون سبع أو ثمان ساعات، وإذا نسي المريض الجرعة ينتكس .ويجب تناوله بين الوجبات أو بمعده فارغه والبقاء ساعة أو ساعتين بدون طعام، حتى يؤدي الدواء مفعوله بشكل جيد. وهنالك بعض الأطعمة لا تتوافق مع الأدوية كالبروتينات، و المشروبات الغازية.
تناولت أول جرعة، وكانت أشبه بمعجزة لم أصدق ما حدث لجسمي ، كنت أتخيل نفسي بمنام، حتى والديّ لم يصدقا عندما رأياني، و أنا من شدة سعادتي كنت أخشى أني لم اكن بوعيي لمدة يوم كامل. ، وظننت أني نجوت. بعد مرور يومان تقريباً من أخذ العلاج ، عدت إلى الواقع. و أدركت أن ما أراه ليس حلماً.و بدأت التساؤلات تثير فضولي عن المرض وعن الدواء ,حدث أمر لا أعرف هل هي طبيعة المرض أم مجرد صدفة، لكن مثل هذه المواقف حدثت لي بكثرة في المستشفى، الذي حدث أني بعد مدة تذكرت اسم المرض باللغة الإنجليزية، وأنا لم أسمع به إلا من الدكتور. ذكره في أول زيارة، بحثت في المواقع الطبية، وجدته و قارنت بين عوارض المرض لدي و اكتشفت انه مطابق تماما ، لكن كنت بين مكذب ومصدق لما أقرأ. ففكرت، وقلت الطبيب هو من يقرر، أخذت اسم الدواء و سألت الصيدلي . لأي مرض يؤخذ هذا الدواء؟! سأل لمن هو؟ أجبت أنه لجدتي أجاب أنه لمرضى الباركنسون الشلل الرعاش يصيب الكبار بالسن. سبب حدوثه هو نقص بالناقل العصبي الدوبامين بالدماغ. يؤثر على الجهاز الحركي بالجسم وتعابير الوجه، و الصوت ... وتحدث كثيرا عنه. وأنا مشدوهة وفي عالم آخر تماماً ... سألت طبيب آخر و الثاني و الثالث كلهم أجمعوا على رأي واحد . بقيت فترة لا استطيع استيعاب ما أسمع.
بعد ذلك حادثتني مريم آل ضيف من مجموعة شرفات لتسأل عن وضعي الصحي ، الشيء الذي اتذكره أني أخبرتها بالمرض، لا أتذكر بقية المحادثة لأني كنت استرجع كلام الطبيب في عقلي . حتى أني لا أعرف بأي لهجة حادثتها!.
بعد معرفتي للمرض أخفيت حقيقته عن المقربات. كصديقاتي من الدراسة الجامعية . لأني أدرك أنهن لن يبحثن عن المرض وهو مجهول بالنسبة إلى الجميع أخبرتهن إنه الباركنسون . فسألت إحداهن عنه ، فأخبرتها عوارضه! . لم يعرفن حقيقية المرض إلا منتصف عام 2017 . أما صديقات الثانوية أخبرتهن من عدة أشهر من عام 2018.
لمحاربة المرض رغبت في الحصول على وظيفة، ولكن فوجئت بأول أمنية تنهار بعد اكتشاف المرض ، و بعد قراءتي لشروط التقدم لطلبات التوظيف في المواقع الحكومية. أدركت ان فرص التوظيف أصبحت محدودة أمامي ، لأن جسمي غير لائق صحياً ، فلجأت إلى البحث في الشركات الخاصة، فكانت نتيجة ذلك غير مرضية، في الشركتين التي رشحت من قبلهم لوظيفة هي عاملة نظافة ، فرفضت .و امتنعت عن التقدم لطلبات التوظيف ..
كان هدف مجموعة شرفات قراءة الكتب و مناقشتها . كان مفعول الكتب أقوى من العلاج، لأنها غيرت مسار تفكيري . انشغالي بالكتب ومتابعة نقاشات الأعضاء، ساهمت في التخفيف من الضغط النفسي الذي أعاني منه. فكنت أقرأ مع الأعضاء كتاب الشهر ، و أشارك في القراءات الفرعية مع بعض الأعضاء. كنت أقرأ مع المجموعة بشغف، و متعة. و أبحث هنا وهناك. و لأن حب القراءة صلة الوصل بيننا ، أدى ذلك إلى تبادل النقاشات في داخل المجموعة وخارجها. تعمقت علاقتي ببعضهن ، و أعجبت بشخصياتهن خاصة إيمان دعبل.في فترة غيابي و من دون توضيح أسباب كنّ يقدمن لي الدعم من غير أن يدركن ذلك و ليست لديهن أية فكرة عن المرض.
في زيارتي الثالثة للدكتور محمد، رأى نتيجة علاجه على جسمي، قال : رائع، ممتاز ! وكان سعيد جدا، وحاول بعد ذلك أن يستمر في شرح أعراض المرض بالتدريج، بشكل أوضح ، وبصوت متردد و حذر في انتقاء كلماته، ومع ذلك صُدم والداي. ثم ذكر اسم المرض و زاد على ذلك بصوت منخفض : هذه أول حالة شابة تأتي للمستشفى مصابه به. طلب منه والدي أن يصف لي مسكن للألم مع العلاج . فرفض ، و قال : معدتها لن تتحمل ، الليفودوبا له عوارض جانبية على الجهاز الهضمي، لا أرغب أن تكون لديها مشاكل صحية أخرى . وتغير العلاج بعد فترة زمنية قصيرة، بسبب عدم وجود الدواء السابق.
بعد معرفة والدي للمرض بيوم قال لي: لقد نسيت اسم المرض الذي تعاني منه.ما اسمه؟! أنه Parkinson و باللغة العربية الشلل الرعاش. أخذ سماعة الهاتف و أجرى مكالمة مع طبيب ، تحدث معه عن المرض و سأله: هل توجد علاجات آخرى تقضي على المرض بشكل نهائي؟. هل توجد علاجات آخرى خارج المملكة؟ ... انتهت المحادثة، أخذ سماعة الهاتف مرة ثانية واتصل بطبيب آخر و أعاد نفس الأسئله . و اتصل بالثالث و الرابع . تأثرت فقلت أبي: جميع الأطباء لهم نفس الرأي. أليس كذلك؟!. أجاب: نعم . و أخذ سماعة الهاتف لمحادثة طبيب آخر. فقلت أبي: لن يختلف رأي هذا الطبيب عن الآخرين. ولازال يبحث عن حلول مع طبيبي الخاص ...
الدواء التالي الذي وصفه الدكتور محمد كان (sinemet) ، مركب من كاربيدوبا وليفودوبا.جسمي يحتاج 25 ملغ من كاربيدوبا ، و 100 ملغ من ليفودوبا ، و قال أن الأعراض الجانبية لهذا الدواء خطيرة جداً كنقص خلايا الدم البيضاء و يضر الكبد و الكلى و غيرها .سأرسلها لقسم العلاج الطبيعي لتخفيف آلام الظهر.
تناولت الدواء، فحدث لدي خمول ، و زادت ساعات النوم ، وبعد أسبوع اعتاد جسمي على الدواء. في ذلك الوقت كنت افكر في آخر موعد مع الدكتور محمد و استرجع ما قال :العملية لا مفر منها إن لم يستجيب الجسم للعقاقير ، تجرى تحت التخدير الموضعي، وهي سهلة وليست مخيفة . تسائلت: كيف تجرى ؟!. هل العملية موجودة بالشبكة العنكبوتية؟ بحثت ووجدتها باليوتيوب. ففتحت الرابط و بدأ يعمل ، تابعت المشهد لمدة دقيقتين، ولم أستطع إنهائه ، لأنني فوجئت. لكن في اليوم التالي قررت أن أتخلص من الخوف، و أعدت تشغيل المقطع، فشاهدته كامل.
في يوما ما لاحظت قلق أبواي من العملية. فقلت لو حدث و أن تلاشت خيارات الأدوية ، ولم يبقى خيار سوى العملية. هل ستمنعان ؟ تضايقا و قالا: نتمنى أن لا يحدث ذلك. قلت : الأمر لله،لكن أيهما أفضل العملية أم رؤيتي و أنا عاجزة و أتألم؟! أجابوا: لن تعودي إن شاء الله.
لم أكمل سنة مع هذا العلاج ، فلاحظت اضطراب الأطراف عاد مجددا بشكل بسيط، وعاد معها القلق .فأتصل والدي بالدكتور محمد، فطلب حضوري إلى العيادة في أقرب وقت.
ذهبت إلى العيادة. فقال لي : (زهراء)أنتهى شهر العسل. رد والدي: ماذا؟! أجاب نحن الأطباء نطلق على فترة استجابة المريض للعلاج ، شهر العسل .هذه هي النكسة الأولى، وسيحاول علاج الحالة بالأدوية، إن رفضها جسمها . ليس أمامي إلا خيار واحد هو العملية ، بالرغم من أني لا أؤيد أجرائها الآن، بسبب صغر سنها. ولا آعلم كم سيظل جسمها مستجيب للشريحتين . قاطعته ولأول مرة اتحدث معه ، وبعد العملية وعدم استجابة جسمي للشريحة ماهي الحلول العلاجية المقترحة؟ .فغير الموضوع لينتقل إلى موضوع الادوية..أضاف سأصف لها علاج مساعد ، و نرى مدى استجابة جسمها له، فوصف الدواء المساعد (pk-merz) ، وأكمل حديثه محذراً ، انتبهي للأعراض الجانبية لهذا الدواء . أي تغير يحدث لا تتجاهليه،واتصل بي مباشرة .
عدت إلى المنزل و أخذت الدواء و الجهاز اللوحي ، و بدأت البحث عن الدواء ،باللغتين العربية و الإنجليزية. كانت آثاره تزرق شبكي ، أرق ،ترنح،و غيرها .. فهمت أخيراً ، لما كان الأطباء يجرون فحص طبي دوري بين فترة وأخرى، بسبب خوفهم من التأثيرات السلبية لأدوية الشلل الرعاش ...
ملاحظة
أنا قارئة ولست كاتبة ، قد لا يخلو النص من الأخطاء
تحياتي للجميع
الله بشفيكي يارب
ردحذفشكرا لك استاذ
ردحذفممتنه لكم لزيارتكم مدونتي المتواضعه
اسعد الله قلوبكم